منتديات الحب والاصحاب
منتديات الحب والاصحاب
منتديات الحب والاصحاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الحب والاصحاب لكل العرب منتدى الروعه والقلوب الحزينه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  السلام في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو معروف
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابو معروف


عدد المساهمات : 262
نقاط : 638
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 29/10/2010
العمر : 28
الموقع : WWLO.YOO7.COM

 السلام في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: السلام في الإسلام    السلام في الإسلام Emptyالخميس نوفمبر 18, 2010 5:33 am

بسم الله الرحمن الرحيم
تقـديـم السلام في الإسلام Alsalamfeealislam
حمدا لله، وصلاة وسلاما على سيدنا محمد بن عبدالله رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، فإننا نقدم " السلام في الإسلام " وهو موضوع كتبه الإمام الشهيد حسن البنا في عام 1948 بمجلة الشهاب الغراء التى كانت تصدر شهريا وكان يرأس تحريرها بنفسه .
ووجدنا أنه من حق الجيل المسلم المعاصر أن يستفيد من كتابات هذا المجدد العظيم، خاصة في هذا الموضوع الهام والذى تتهم فيه أقلام الغرب – خاصة المستشرقين – الإسلام بأنه دين قام وانتشر بالسيف ... ويا لها من كلمة مفتراة ( كبرت كلمة ) .
والإمام رحمه الله يوضح فيما ستقرأه أيها القارئ العزيز كيف أن الإسلام ديم المحبة والسلام والأخوة الإنسانية الحقة، التى تتطلع إليها الدنيا قاطبة، الدنيا المعذبة بسعير الإنسان الشرقى والغربي غير المسلم على السواء .
يرى المراقبون الاجتماعيون والسياسيون والمعنيون بتطورات الحياة في الأمم والشعوب أن العام الإسلامي وفى مقدمته العام العربي طبعا، يتجه بنهطته الحديثة اتجاها إسلاميا . وأن هذا الاتجاه يقوى تياره بالتدريج .
وبعد أن كان الكتاب والمفكرون والعلماء والزعماء يتغنون بأصول الحضارة الأوربية ووجوب الاصطباغ بصبغتها والأخذ الكامل بأساليبها ومناهجها تبدلت هذه النغمة وحل محلها التحفظ والحذر وارتفعت الاصوات المنادية بوجوب العودة إلى أصول الإسلام وتعاليمه ومناهجه وتقريب الحياة العصرية في هذه الشعوب إليها بقدر الإمكان تمهيا للاصطباغ الكامل بصبغة الإسلام .
أسبابه :
ويزعج هذا الاتجاه كثيرا من الحكومات والدول الغربية التى عاشت طوال القرون الماضية في عقلية الذي لا يعرف عن الإسلام إلا التعصب والجمود ولا يرى في المسلمين إلا شعوبا مستضعفة للتسخير وأوطانا خصبة للاستعمار وأخذوا يتوجسون من هذه الحركة ويذهبون في تفسيرها وتأويلها كل مذهب فمن قائل إنها نتيجة قيام الهيئات المتطرفة والجماعات المتعصبة، ومن قائل أ،ها رد فعل للضغط السياسي والاقتصادي الذي شعرت به هذه الأمم الإسلامية في هذه الأعصار، ومن قائل إنها وسيلة يتوصل بها بعض طلاب الحكم والجاه إلى الظهور والمنصب . وكل هذه الأسباب فيما نعتقد بعيدة عن الحقيقة كل البعد، وهذا الاتجاه ليس إلا نتيجة لعوامل ثلاثة فيما نرى :
إفلاس الغرب :
أولها – إفلاس الأصول الاجتماعية التى قامت عليها حضارة الأمم الغربية فحياة الغرب التى قامت على العلم المادي والمعرفة الآلية والكشف والاختراع وإغراق أسواق العام بمنتجات العقول والآلات لم تستطع أن تقدم للنفس الإنسانية خيطا من النور، أو بصيصا من الأمل أو شعاعا من الإيمان . ولم ترسم للأرواح القلقة اي سبيل للراحة والاطمئنان، وليس الإنسان آلة من الآلات . ولهذا كان طبيعيا أن يتبرم بهذه الأوضاع المادية البحتة وأن يحاول الترفيه عن نفسه، ولم تجد الحياة الغربية المادية ما ترفه به عنه إلا الماديات أيضا من الآثام والشهوات والخمور والنساء والأحفال الصاخبة والمظاهر والمغرية التى تلهى بها حينا ثم ازداد بها بعد ذلك جوعا على جوع وأحس بصرخات روحه تنطلق عالية تحاول تحطيم هذا السجن المادي والانطلاق في الفضاء واسترواح نسمات الإيمان والعزاء .
كمال الإسلام :
وثانيها – وهو العامل الإيجابي في الموضوع – اكتشاف المفكرين من رجال الإسلام ما في أصوله وقواعده من سمو ورقى وصلاحة واكتمال وأنها أكمل وأدق وأفضل وأشمل وأجمع من كل ما كشفت عنه الفلسفات الاجتماعية والعقول المصلحة إلى الآن . وقد كام المسلمون غفلوا عن ذلك حينا من الدهر فلما كشف الله عن بصائر مفكريهم، وقارنوا ما عندهم من قواعد ينهم الاجتماعية بما يتحدث عنه كبار الاجتماعيين وأساطين وجهابذة المفكرين، ووجدوا البون شاسعا والفرق بعيدا عن كنوز هذا الميراث الضخم وبين ما يلهو به هؤلاء. لم يملكوا أنفسهم من أن ينصفوا عقولهم وتاريخهم وشعوبهم، وأن ينادوا بنفاسة هذا الميراث، وأن يهيبوا بهده الأمم الغافلة إسلامية وغير إسلامية أن تستفيد من هذا الإرشاد الرباني الكريم وأن تنهج نهج هذا الصراط السوي المستقيم .
طبيعة التطور :
وثالثها – طبيعة التطور الاجتماعي بعد حربين طاحنتين اشتركت فيهما دول العام جميعا، وتناولت النفوس والأوضاع والشعوب والأفراد، ونبتت بعدهما طائفة من المبادئ الإصلاحية والنظم الاجتماعية، وقامت على أساسها دول ونهضت بتطبيقها، ثم لم يمض كبير وقت حتى تناولتها بد التبديل والتغيير أو الهدم والتدمير، والمفكرون من المسلمين ينظرون ويرقبون ويوازنون ويرجعون إلى ما بين أيديهم من كتاب ربهم وهو مشرق، ومن سنة نبيهم وهي بينة، ومن تاريخهم وهو مجيد، فلا يرون لنظام من ذه النظم حسنة من الحسنات إلا وجدوا أنها مقررة في نظامهم الإسلامي الاجتماعي وأنهم سبقوا إليها فتحدثوا عنها أو عملوا بها، ولا يرون لنظام من هذه النم سيئة من السيئات إلا وجدوا أن نظامهم الإسلامي الاجتماعي قد حذر منها واحتاط بها ووصف طريق الوقاية من نتائجها وآثارها .
سادت العالم حينا من الدهر هذه النظم الديمقراطية وانطلقت الحناجر في كل مكان تسبح وتقدس بما جاء به هذا النظام الديمقراطي من حرية للإفراد وللشعوب على السواء، ومن إنصاف للعقل الإنساني بحرية التفكير، وللنفس الإنسانية بحرية العمل والإرادة، وللشعوب بأن تكون مصدر السلطات، وجاء النصر في الحرب العالمية الأولى معززا لهذه الأفكار متوجا إياها بإكليل الغار، ثم لم يلبث الناس أن تبينوا أن حريتها الاجتماعية لم تسلم من الفوضى وأن حريتها الفردية لم تأخذ الحيطة من الإباحية، وأن سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع من كثير من الديكتاتوريات المستورة التى تضيع معها التبعات ولا تحدد فيها الاختصاصات، إلى غير ذلك من المثالب والعيوب التى أدت إلى تفكك الأمم والشعوب وتخلخل نظام الجماعات والبيوت ومهدت لقيام النظم الدكتاتورية .
فقامت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا وأخذ كل من موسولينى وهتلر بيد شعبه إلى الوحدة والنام والنهوض والقوة والمجد – وسرعان ما خطا هذا النظام بهاتين الأمتين فىمدارج الصلاح في الداخل والقوة والهيبة في الخارج وبعث في النفوس الآمال الخالدة وأحيا الهمم والعزائم الراكدة وجمع كلمة المختلفين المتفرقين على نظام وإمام، وأصبح الفوهرر أو الدوتشى إذا تكلم أحدهما أو خطب تفزعت الأفلاك والتفت الدهر .
ثم ماذا ؟ ثم تكشف الأمر عن أن هذا الجهاز القوى المتماسك الذي فنيت فيه إرادات الأفراد في إرادات الزعماء أخطأ حين أخطأوا، فطغى بطغيانهم وانحرف بانحرافهم وهوى بسقوطهم وانتهى كل شئ وأصبح حصيدا كأن لم يغن بالأمس بعد أن بذل العالم في حربه الثانية الملايين من زهرة الشباب والقناطير المقنطرة من الأموال والعتاد .
ولمع نجم الاشتراكية والشيوعية بعد ذلك وزاد في هذا البرق واللمعان معنى الفوز الانتصار، وتقدمت روسيا السوفيتية إلى الميدان الاجتماعي تبشر بدعوتها وتدل على الدنيا بنظامها الذي تبدل في ثلاثين عاما عدة مرات، وأخذت دول الديمقراطيات أو بعبارة أدق دول الاستعمار القديمة البالية أو الجديدة الطامعة تعد العدة لتوقف هذا التيار، والصراع يقوي ويشتد تارة في العلانية وأخرى في الخفاء، والدول والأمم والشعوب الحائرة على مفترق الطرق لا تدري أين السبيل، ومنها أمم الإسلام وشعوب القرآن والمستقبل في ذلك كله بيد الله والحكم للتاريخ والبقاء للأصلح على كل حال .
هذا التطور الاجتماعي وهذا الصراع العنيف القوى أيقظ همم المفكرين من المسلمين فأخذوا يوازنون ويقارنون وانتهوا بعد الموازنة إلى نتيجة صحيحة سليمة هي التخلص من كل هذه الأوضاع ووجوب عودة شعوبهم وأممهم إلى الإسلام .
النظم الثلاثة في الصلاة :
قلت ذات مرة مداعبا للسامعين في إحدى المحاضرات وكانت خطوة موفقة كل التوفيق والحمد لله .. إن هذه الصلاة الإسلامية التى نؤديها في اليوم خمس مرات ليست إلا تدريبا يوميا على نظام اجتماعي عملي امتزحت فيه محاسن النظام الشيوعي بمحاسن النظام الديمقراطي بمحاسن النظام الديكتاتوري، فعجبوا وقالوا كيف كان ذلك ؟ فقلت إن افضل ما في النظام الشيوعي ن حسنات دعيم معنى لمساواة والقضاء على علافوارق والطبقات ومحاربة الاعتزاز بالملكية التى يكون عنها هذا التفاوات .. وهذه المعاني كلها يستحضرها المسلم ويشعر بها تماما وتتركز في نفسه إذا دخل المسجد لأنه يستشعر لأول دخوله أن هذا المسجد لله، لا لأحد من خلقه، وأنه سواء العاكف فيه والباد، لا صغير فيه ولا كبير ولا أمير ولا حقير ولا فوارق ولا طبقات، فإذا صاح المؤذن : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة .. استوى هذا الجمع خلف إمامه كالبنيان المرصوص فلا يركع أحد حتى يركع الإمام ولا يسجد حتى يسجد ولا يأتي بحركة أو سكون إلا تابعا له ومقتدا به ومقلدا إياه، وهذا هو أفضل ما في النظام الدكتاتوري : الوحدة والنظام في الإرادة والمظهر على السواء، ولكن هذا الأمام مقيد هو نفسه بتعاليم الصلاة ودستورها، فإذا انحرف أو أخأ في تلاوة أو عمل كان للصبي الصغير وللرجل الكبير وللمرأة المصلية خلفه، كان لكل واحد من هؤلاء الحق كل الحق أن ينبهه إلى خطءه وأن يرده، إلى الصواب في أثناء الصلاة .
وكان على الإمام كائنا من كان أن ينزل على هذا الإرشاد وأن يعدل عن خطئه إلى الحق والصواب، وليس في الديمقراطية أروع من هذا الحسنات فماذا بقى بعد ذلك لهذه النظم من فضل على الإسلام وقد جمع محاسنها جمعا واتقى بهذا المزج البديع كل ما فيها من سيئات ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافاً كثيراً ) .
لا مبرر للانزعاج :
والغربيون كما قلت – ومعهم الذين لا يعلمون – ينزعجون أشد الانزعاج لهذا الاتجاه ويرونه من الخطورة بحيث تجب عليهم محاربته بكل سبيل لأنه ليس أكثر في عرفهم من انتصار للمبادئ الرجعية وتجميع للأمم الهمجية حولها ضد مبادئ الحضارة والمدنية وشعوب العلم والعرفان والنظام . وهذا وهم عريق في الخطأ وظلم صارخ للحقائق الواضحة وضوح الشمس في وضح النهار ومهمتنا في هذه الكلمات أن نصل معهم إلى أمرين :
أولهما : إثبات سمو أصول النظام الاجتماعي الإسلامي وفضلها على كل ما عرف الناس تلك الأصول التى منها :
<LI dir=rtl>الإخاء الإنساني ك والقضاء على روح الكراهية والتعصب .
<LI dir=rtl>السلام : وخطأ الذين لا يعمون في فهم مشروعية الجهاد .
<LI dir=rtl>الحرية : وخطأ الذين يتهمون الإسلام بإباحية الرق ومصادرة الحريات .
<LI dir=rtl>العدل الاجتماعي : وفيه بيان رأي الإسلام في نظام الحكم والطبقات .
<LI dir=rtl>الحياة الطيبة : وفيه بيان الخطأ في فهم حقيقة الزهد .
<LI dir=rtl>الأسرة : وفيه الكلام على حقوق المرأة والتعدد والطلاق .
<LI dir=rtl>العمل والكسب : وفيه الكلام على أنواع الكسب والخطأ في فهم التوكل .
<LI dir=rtl>العلم : وفيه خطأ من يتهمون النظام الإسلامي بتشجيع الجهالة والخمول .
<LI dir=rtl>النظام وتقدير الواجب : وفيه خطأ من يظنون في طبيعة الإسلام النقص والإهمال .
التدين : وفيه حقيقة الإيمان بالله والفضيلة والجزاء .
وثانيهما : إثبات أن من الخير للانسانية كله ان يتجه المسلمون إلى العودة لدينهم وأن ذلك سيكون أكبر دعائم السلام على الأرض وأن الدافع إلى ذلك ليس التعصب الأعمى، ولكن الاقتناع التام بفضل ما جاء به الإسلام وانطباقه تمام الانطباق على أرقى ما كشف عنه التفكير العصري السليم من قواعد الاجتماع الصالحة ودعائم نظمه الثابتة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
إعلان الأخوة الإنسانية
والتبشير بالفكرة العالمية
§تقرير وحدة الجنس والنسب .
§تقرير وحدة الدين .
§تقرير وحدة الرسالة .
§وحدة الشعائر .
§تقرير معاني الرحمة والحب والإيثار والإحسان .
§عالم اليوم .
جاء الإسلام الحنيف يعلن الأخوة الإنسانية ويبشر بالدعوة إلى العالمية ويبطل كل عصبية ويسلك إلى تحقيق هذه الدعوة الكريمة السامية كل السبل النظرية والعملية .
تقرير وحدة الجنس والنسب :
فقد قرر وحدة الجنس والنسب للبشر جميعا " فالناس لآدم ولا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى " وحكمة التقسيم إلى شعوب وقبائل إنما هي التعارف لا التخالف، والتعاون لا التخاذل، والتفاضل بالتقوى والأعمال الصالحة التى تعود بالخير على المجموع والأفراد والله رب الجميع يرقب هذه الأخوة ويرعاها ويطالب عباده جميعًا بتقريرها ورعايتها والشعور بحقوقها والسير في حدودها .
ويعلن القرآن الكريم هذه المعاني جميعًا في بيان ووضوح فيقول :
( يا أيها الناس اتقوا ربكم ...... كان عليكم رقيبا )، ويقول : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) (النساء:1)
ويقول : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات:13)
ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أشهر خطبه في حجة الوداع (( إن الله قد أذهب عنكم غيبة الجاهلية وتعظمها بالآباء والأجداد . الناس لآدم، وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلاّ بالتقوى )) .
ويقول: (( ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية)) رواه أبو داود .
وبهذا التقرير قضى الإسلام تمام على التعصب للأجناس أو الألوان في الوقت الذي لا تزال فيه الأمم المتحضرة من أوربا وأمريكا تقيم كل وزن لذلك .
وتخصص أماكن يغشاها البيض ويحرم منها السود حتى في معابد الله، وتضع القوائم الطويلة للتفريق بين الأجناس الآريه والسامية، وتدعى كل أمة أن جنسها فوق الجميع .
تقرير وحدة الدين :
وقرر الإسلام وحدة الدين في أصوله العامة وأن شريعة الله تبارك وتعالى للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان والعمل الصالح والإخاء . وأن الأنبياء جميعًا مبلغون عن الله تبارك وتعالى . وأن الأنبياء جميعًا مبلغون عن الله تبارك وتعالى . وأن الكتب السماوية جميعًا من وحيه وأن المؤمنين جميعًا في أية أمة كانوا هم عباده الصادقون الفائزون في الدنيا والآخرة . وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع أصوله وقواعده . وأن واجب البشرية جميعًا أن تتدين وأن تتوحد بالدين، وأن ذلك هو الدين القيم وفطرة الله التى فطر الناس عليها، وفى ذلك يقول القرآن الكريم ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)(الشورى: من الآية13) ويقول القرآن الكريم مخاطبًا النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم : (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (الشورى:15)
ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم مصورًا هذا المعنى أبدع تصوير (( مثلي ومثل الأنبياء قبلى كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة، فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين )) أخرجة الشيخان .
وسلك الإسلام إلى هذه الوحدة مسلكًا عجيبًا فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق ويصدق بكل كتاب نزل . ويحترم كل شريعة مضت . ويثنى بالخير على كل أمة من المؤمنين خلت، يفترض ذلك ويعلنه ويأمر به النبي وأصحابه (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة:136) .
ثم يقفى على لك بأن هذه هي سبيل الوحدة، وأن أهل الأديان الأخرى إذا آمنوا كهذا الإيمان فقد اهتدوا إليها وإن لم يؤمنوا به فسيظلون في شقاق وخلاف وأن أمرهم بعد ذلك إلى الله فيقول : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:137)
ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمؤمنين على أساسين واضحين مسلمين لا يجادل فيهما إلا مكابر : أولهما اعتبار ملة إبراهيم عليه السلام أساسًا للدين وإبراهيم ولا شك وهو مرجع الأنبياء الثلاثة الذين عرفت رسالاتهم وهم : موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم جميعًا وثانيهما تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم والارتفاع بنسبته إلى الله وحده فتقرأ في سورة البقرة قول الله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (البقرة:130)
إلى قوله تعالى : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة:138)
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (البقرة:139)
ثم إلى قوله تعالى :
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (البقرة:134)
إن القرآن يثنى على الأنبياء جميعًا فموسى نبي كريم ( وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً)(الأحزاب: من الآية69) .
وعيسى عليه السلام ( رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه)(النساء: من الآية171) .
( وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(آل عمران: من الآية45) ( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:46) . ( وَأُمُّهُ صِدِّيقَة)(المائدة: من الآية75)، أكرمتها الملائكة (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران:42)
والتوراة كتاب كريم (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ )(المائدة: من الآية44)، والإنجيل كذلك كتاب كريم فيه هدى ونور وموعظة ( وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)(المائدة: من الآية46) . وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية للناس (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ) (آل عمران:3)
وبنو إسرائيل أمة موسى أمة كريمة مفضلة ما استقامت وآمنت (يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة:122)
وأمة عيسى عليه السلام أمة فاضلة طيبة ما أخلصت وعملت ( وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا)(الحديد: من الآية27) .
والتعامل بين المسلمين وبين غيرهم من أهل العقائد والاديان إنما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير الإنساني (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:Cool
(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9) .
والجدال يكون بالتى هي أحسن إلاّ للذين ظلموا وأساسه التذكير بروابط الرسالة السماوية ووحدة العقيدة الإيمانية (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت:46)
وبذلك قضى الإسلام على كل مواد الفرقة والخلاف والحقد والبغضاء والخصومة بين المؤمنين من أي دين كانوا . ولفتهم جميعًا إلى وجوب التجمع حول ( شريعة الإسلام ) ونبذ كل ما من شأنه العداوة والخصام بين بنى الإنسان . (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:62)
فإن أبى الناس إلا أن يفترقوا ويختلفوا ويحتكموا إلى أهوائهم باسم الدين فإن الإسلام وبنى الإسلام وشريعة الإسلام الإنسانية العامة منهم براء (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام:159)
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:161)
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162)
(لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:163)
تقرير وحدة الرسالة :
ولهذا جاء النبي " محمد " عليه الصلاة والسلام رسولاً إقليميًا وأعلن القرآن الكريم هذه العالمية في آيات كثيرة فقال (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1)
وقال : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (سـبأ:28)
وقال: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (لأعراف:158)
ومن هنا كانت رسالته أيضا ختام الرسالات فلا رسالة تعقبها أو تنسخها ولا نبي بعده (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )(الأحزاب: من الآية40)، ومن هنا كذلك كانت معجزته الخالدة الباقية هذا القرآن الكريم ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ)(فصلت: من الآية41)(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) .
ولقد كان الناس يتساءلون من قبل هذا العصر كيف يكون فرد واحد من أمة واحدة رسولاً للبشر جميعًا فجاء هذا العصر الذي انمحت فيه المسافات، وتجمعت فيه أطراف الأرض بهذه المواصلات، وتشابكت فيه مصالح الأمم والدول والشعوب حتى لكأنها بلد واحد كبير، لا ينفك جانب منه عن الجانب الآخر في قليل ولا كثير وانطلقت في أجواز الفضاء أنباء الشرق يعلمها ساعة حدوثها الغرب، وأنباء الغرب يستمع إليها لحظة وقوعها الشرق . وتركزت آمال المصلحين اليوم في " العالم الواحد " و " النظام الواحد " و " الضمان الاجتماعي " و " السلام العالمي " فكان ذلك آية كبرى . ومعجزة أخرى لنبي الإسلام وشريعة الإسلام وصدق الله العظيم : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53)
وحدة الشعائر :
وقد كان الإسلام "عملياً " كعادته فلم يقف عند حد تقرير الأصول النظرية لهذه الوحدة الإنسانية ولكنه رسم وسائل التطبيق، وقرر الشعائر والشرائع التى يتأكد بها هذا المعنى في النفوس، وثبت دعائمه في المجتمعات، وهذا هو الفرق بين الرسالات الفلسفية والرسالات الإصلاحية أو بين الفيلسوف والمصلح فالفيلسوف يقرر النظريات والمصلح يرسم قواعد التطبيق ويشرف بنفسه على تمامه، ومن هنا كان الإسلام نظريًا وعمليًا معًا لأنه رسالة الإصلاح الشامل الخالد، وعلى هذا الأساس قرر الشعائر والشرائع التى يتحقق بالعمل بها ما دعا إليه من إنسانية عالمية وأخوة حقيقية بين البشر على اختلاف أوطانهم وأجناسهم وألوانهم .
ومن ذلك :
القبلة : فعلى المؤمنين أن يصرفوا وجوههم وقلوبهم وأفئدتهم كل يوم خس مرات على الأقل إلى " الكعبة " يناها إبراهيم أبو الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وأن يشعر كل منهم بما يحيط بهذا " الرمز الكريم " من معاني الأخوة وبالوحدة بين الناس جميعًا، كما أن طواف الطائفين بهذه الكعبة المشرفة إن هو إلاّ توكيد لهذا الشعور عمليًا كذلك . وينتهز بعض الذين لا يعلمون الحكمة البالغة والنظرة السامية في هذا التشريع الحكيم هذه الفرصة فيغمزون الإسلام بأنه لا زال متأثراً ببقية من وثنية العرب . وأن الكعبة والطواف من حولها، والحجر الأسود واستلامه وما يحيط بذلك من معاني التقديس والتكريم إن هو إلا مظهر من مظاهر هذا التأثر . وهذا القول بعيد عن الصحة عار عن الصواب، فالمسلم الذي يطوف بالكعبة أو يستلم الحجر يعتقد اعتقادًا جازمًا أنها جميعًا أحجرا لا تضر ولا تنفع ولكنه إنما يقدس فيها هذا المعنى الرمزي البديع : معنى الأخوة الإنسانية الشاملة، والوحدة العالمية الجامعة . ويذكر في ذلك قول الله العلي الكبير (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ)(المائدة: من الآية97). والرمزية هي اللغة الوحيدة لتمثيل المعاني الدقيقة والمشاعر النبيلة التى لا يكن أن تصورها الألفاظ أو تجلوها العبارات، والذي يعظم علم وطنه يعلم أنه في ذاته قطعة نسيج لا قيمة لها ماديًا ولكنه يشعر كذلك أنه ترمز إلى كل معاني المجد والسمو التى يعتز بها وطنه . وإنها تصور أدق المشاعر في وطنيته . فهو يحيى هذا العلم ويعظمه ويحترمه ويكرمه لهذه المعاني التى تجمعت جميعًا وتمثلت فيه . والكعبة المشرفة على الله المركوز في أرضه ليمثل به للناس أوضح معاني أخوتهم وليرمز به إلى أقدس مظاهر وحدتهم وإنما كانت بناءً ليكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا . ومن أجمل الجميل أن يقوم على رفع قواعد هذا البناء إبراهيم الخلي أبو الأنبياء (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:127)
وما الحجر الأسود إلاّ موضع الابتداء ونقطة التميز في هذا البناء، وعنده تكون البعة لرب الأرض والسماء على الإيمان والتصديق والعمل والوفاء . اللهم إيمانًا بك لا بالحجر، وتصديقًا بكتابك لا بالخرافة، ووفاءً بعهدك وهو التوحيد الخالص لا الشرك، وابتاعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم محطم الأصنام .
فأين هذه المعاني الرمزية العلوية من تلك المظاهر الوثنية الخرافية ؟ إن الكعبة المشرفة رمز قائم خالد، ركز الإسلام من حوله أخلد وأقدس وأسمى معاني الإنسانية العالمية والأخوة بين بني البشر جميعًا (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة:125)
واللغة : وكما وحد الإسلام القبلة فقد وحد اللغة وأعلن العربية هي لسان القرآن (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3)، وأن القرآن هو لسان المؤمنين وأن دعوة الإيمان دعوة موجهة إلى العالمين . ويقرر علماء الاجتماع أن اللغة هي أقوى الروابط بين الأمم والشعوب، وأقرب وسائل التقريب والتوحيد بينها . وهي نسب من لا نسب له . وقد أدرك الإسلام هذه الحقيقة ففرض العربية فرضا على المؤمنين في صلواتهم وعباداتهم ومنح الجنسية العربية لكل من نطق بلغة العرب وجر لسانه بها . واعتبر أن العربية هي اللسان . روى الحافظ ابن عساكر قال جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبش فقال : هؤلاء الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل " يعني محمد صلى الله عليه وسلم " فما بال هذا وهذا ؟ " مشيرا إلى غير العرب من الجالسين " فقام إليه معاذ بن جبل رضى الله عنه فأخذ بتلابيبه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قاله فقام النبي صلى الله عليه وسلم مغضبًا يجر رداءه حتى أتى المسجد ثم نودى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فخطبهم قائلاً : (( يا أيها الناس إن الرب واحد، وإن الدين واحد، وليست العربية باحدكم من أب ولا أم وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي )) .
وأي تشجيع أعظم من هذا على تعلم لغة العرب وتعميمها بين الناس لتكون هي " الاسبرانتو " العالمي الذي يربط البشرية بأقوى روابطها، وهي اللسان . وقد يقال إن ذلك خيال لا يتحقق والجواب أنه خيال حققته قوة أصحابه الروحية والحسية من قبل وتحققه من بعد، ولا خيلا في الحقيقة إلا من الضعف، وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا تعاب الطريقة المثلى إذا هجرها الناس وهذه هي الطريقة للوحدة " وكل من سار على الدرب وصل " .
الأذان : وتستمع إلى الأذان وهو الصوت العالي الذي تنطلق به حناجر المؤدنين في الصباح والمساء وعشيًا وعند الظهيرة ومع الغروب : الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن محمداً رسول الله . حي على الصلاة . حي على الفلاح . الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله، يكرر المؤذن أعدادها المعروفة أو هو يقول حي على خيرالعمل كما في بعض الروايات . فهل ترى هذا النداء دعوة إلى عصبية جنسية أو هتافًا بنصرة طائفية ؟
لا شئ إلا تمجيد الله والحث على اخير والفلاح والطاعة والصلاة والإرشاد إلى الأسوة الحسنة في محمد رسول الله .
الحقوق والواجبات ومظاهر العبادات :
والمساواة التامة هي شعار الإسلام في الحقوق والواجبات ومظاهر العبادات . فالجنس الإنساني مكرم كله مفضل على كثير من المخلوقات (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70)
والناس جميعًا مخاطبون بهذه الدعوة الإسلامية وكثيراً ما يستفتح الخطاب في القرآن الكريم بيا أيها الناس إشارة إلى عموم هذه الرسالة وتسويتها بين الناس في الحقوق والواجبات . والحقوق الروحية فضلاً عن الحقوق المدنية والسياسية الفردية والاجتماعية والاقتصادية مقررة للجميع علىالسواء، فما من شعب إلا بعث إليه رسول (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) (فاطر:24)
ومظاهر العبادات وطرق أدائها مشتركة بين الجميع يؤدونها على قدم المساواة، فهم في الصلاة كالبنيان المرصوص، وهم في الحج قلب واحد يفدون من كل فج عميق، وهم في الجهاد صف لا يتخلف عنه إلا أعرج أو مريض أو أعمى أو معذور، وهم في كل معنى من هذا المعاني كأسنان المشط لا سيد ولا مسود (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: من الآية10)، وقل مثل ذلك في جميع الحقوق والواجبات والفرائض والعبادات التىجاء بها هذا الإسلام .
تقرير معانى الرحمة والحب والإيثار والإحسان :
ولقد دعم الإسلام هذه المعاني النظرية والمراسيم العملية ببث أفضل المشاعر الإنسانية في النفوس من حب الخير للناس جميعًا والترغيب في الإيثار ولو مع الحاجة ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر: من الآية9)، والإحسان في كل شئ حتى في القتل
( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة: من الآية195)، ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)
(الكهف: من الآية30)، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ)(النحل: من الآية90) .
وتقرير عواطف الرحمة حتى من الحيوان فأبواب الجنة تفتح لرجل سقى كلبًا، وتبتلع الجحيم امرأة لأنها حبست هرة بغير طعام كما جاء ذلك وغيره من كثير من مثله في أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى استغرب أصحابه وقالوا : وإن لنا في البهائم لأجرًا يا رسول الله ؟ قال : ( نعم في كل ذات كبد رطبة أجر ) رواه البخاري، ولا شك أن هذه المشاعر هي التى تفيض على صاحبها أفضل معاني الإنسانية وتوجهه إلى تقدير قيمة الأخوة العالمية .
شيوع هذه الإنسانية عمليًا في المجتمع الإسلامي :
وإن التاريخ ليحدثنا أن المجتمع الإسلامي سعد بتحقيق هذه المعاني في كل عصر من العصور التى ازدهرت فيها دعوة الإسلام وطبقها المؤمنون فيها تطبيقًا صحيحًا، ففي عهد النبوة كان سلمان الفارسي إلى جانب صهيب الرومي إلى جوار بلال الحبشى ومعهم في نسق واحد أبوبكر القرشي تضمهم جيمعًا أخوة الإسلام ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)
(آل عمران: من الآية103)، ولم تعرف التعصبات الجنسية إلاً يوم ضعف شعور المسلمين بسلطان التوجيه الإسلامي الصحيح واجتاحتهم شياطين التقليد فانحرفوا عن هذا الصراط المستقيم .
عالم اليوم :
ولقد بشر زعماء العالم إبان محنتهم في الحرب الماضية بهذه الإنسانية العالمية وهتفوا بالعالم الواحد السعيد الذي تسوده الطمأنينة والعدالة والحرية والوئام . فهل وصلوا إلى شئ من ذلك، أو حاولوا أن يصلوا إليه فيما قرروا من مؤتمرات وعقدوا من اجتماعات ؟ وهل استطاعت هيئة الأمم المتحدة أن تسوى في الحقوق بين أبناء الوطن الواحد في أفريقيا الجنوبية، أو أن تحمل الأمريكان على ترك التفاضل بالألوان ؟ لا شئ من هذا، ولن يكون إلا إذا تطهرت النفوس بماء الوحي العذب الطهور، وسقيت من معين الإيمان، وأخلصت للإسلام دين الأخوة والوحدة والإنسانية والسلام (إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الانبياء:106)
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107)
<LI dir=rtl>
السلام
<LI dir=rtl>
وحكمة مشروعية القتال في الإسلام
<LI dir=rtl>الإسلام والحرب .
<LI dir=rtl>أغراض الحرب في الإسلام .
<LI dir=rtl>هل انتشرت دعوة الإسلام بالسيف ؟
<LI dir=rtl>هل الإسلام وحده هو الذي أوصى بالسيف لحماية الحق ؟
<LI dir=rtl>خطوات الإسلام وما وضع من ضمانات لإقرار السلام .
أين خطوات زعماء هذا العصر من هذه الخطوات ؟ .
الإسلام شريعة السلام ودين المرحمة ما في ذلك شك لا يخالف في هذا إلا جاهل بأحكامه أو حاقد على نظامه أم مكابر لا يقتنع بدليل ولا يسلم ببرهان .
اسم الإسلام نفسه مشتق من صميم هذه المادة مادة السلام .
والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسمًا أفضل من أن يكونوا المسلمين ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)(الحج: من الآية78).
وحقيقة هذا الدين ولبه الإسلام لرب العالمين (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:112)، (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة:131)
( وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(الأنعام: من الآية71) .
وتحية أهل الإسلام فيما بينهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – وختام الصلاة عندهم سلام على اليمين وسلام على اليسار وسلام في الأمام إن كانوا يصلون خلف إمام كأنهم يبدأون أهل الدنيا من كل نواحيها بالسلام بعد أن فارقوها بخواطرهم لحظات انصرفوا فيها لمناجاة الله الملك العلام .
وقد نزل القرآن الكريم في ليلة كله سلام تحف به ملائكة السلام(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر:2)
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3)
(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (القدر:4)
(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر:5)
وأفضل ما يلقى الله به عباده تحية السلام (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (الأحزاب:44)
وخير ما يستقبل الملائكة به الصالحين من عباد الله في جنة السلام ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ)(الرعد: من الآية23) (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:24) ، والجنة نفسها اسمها دار السلام ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:127)
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (يونس:25)
والله تبارك وتعالى اسمه السلام (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلام)(الحشر: من الآية23) ولن يتأخر المسلم عن الاستجابة لدعوة السلام ولن يردها أبدًا(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (لأنفال:61) (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (لأنفال:62) ( لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ )(النساء: من الآية94) .
وليست في الدنيا شريعة دينية ولا نظام اجتماعي فرض السلام تدريبًا عمليًا واعتبره شعيرة من شعائره وركنًا من أركانه كما فرض الإسلام رياضة النفس على السلام بالإحرام في الحج، فمتى أهلّ المسلم به فقد حرم عليه منذ تلك اللحظة أن يقص ظفراً أو يحلق شعراً أو يقطع نباتاً أو يعضد شجراً أو يقتل حيواناً أو يرمى صيداً أو يؤذي أحداً بيد أو لسان حتى ولو وجد قاتل أبيه وجهاً لوجه لما استطاع أن يمسه بشئ (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ)(البقرة: من الآية197) فهو بذا الإحرام قد أصبح سلماً لنفسه سلماً لغيره من إنسان أو حيوان أو نبات .
والإسلام دين الرحمة .
فهي قرين السلام في تحية المسلمين .
ونبي الإسلام إنما أرسله الله رحمة للعالمين .
وشعار المسلم الذي يردده قب كل قول أو عمل " بسم الله الرحمن الرحيم " .
والوصية بين المؤمنين الصبر والمرحمة(ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17) (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد:18)
.وآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأعماله وتصرفاته كلها تدل على سمو منزلة الرحمة بين الأخلاق التى يأمر بها هذا الدين .
لقد فتحت أبواب الجنة وشملت مغفرة الله تالى ومنته رجلاً سقى كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش . روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج وإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ منى فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله تعالى له فغفر له . قالوا يا رسول الله : وإن لنا في البهائم أجراً ؟ قال : في كل كبد رطبة أجر ) .
وفتحت أبواب النار لامرأة حبست هرة وقست علا . روى البخاري ومسلم أن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) .
ومن قبل أن تنشأ جمعيات الرفق بالحيوان في أوربا أو غيرها، كان الرفق بالحيوان شعار الدين الإسلامي ووصية النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسلم . عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تتخذوا ظهور دوابكم منابر إنما سخرها الله لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم ) رواه أبو داود .
وعن عبدالرحن بن عبدالله عن أبيه رضى الله عنه قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأينا حمرة معها فرخان لها فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرش فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من فجع هذه بولده ردوا ولدها إليها . ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال : من أحرق هذه ؟ قلنا نحن ! قال : إنه لا ينبغى أن يعذب بالنار إلا رب النار ) أخرجه أبو داود أيضاً .
وروى ابن عبدالحكم في سيرة عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه أنه نهى عن ركض الفرس إلاّ لحاجة وأنه كتب إلى صاحب السكك ألا يحملوا أحداً بلجام ثقيل ولا ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة – وكتب إلى حيان بمصر أنه بلغني أن بمصر إبلاً نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرفن أنه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل .
وإنما سمى الفسطاط " مصر القديمة " بذلك لأن فسطاط عمرو بن العاص حين الفتح اتخذت من أعلاه حمامة عشاً لها فلم يشأ عمرو أن يهيجها بتقويضه فتركه وتتابع العمران من حوله فكانت مدينة الفسطاط .
وما ذلك كله إلاّ أثراً من آثار الرحمة التى يشيعها الإسلام في نفوس المؤمنين، فهو ولا شك دين الرحمة، وهو ولا شك دين السلام .
وإذا كان الإسلام دين دين السلام ودين الرحمة فم موقفه من فكرة الحرب والقتال والجهاد ؟ وهل انتشر بالسيف كما يقول عنه كثير من خصومه الذين لم يعرفوه أو تعمدوا أن يتجاهلوه ؟ وهل انفرد دون غيره من الأديان بمشروعية القتال












الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wwlo.yoo7.com
 
السلام في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  30 عاما من السلام مع إسرائيل
»  قمة بين مبارك ورئيسة فنلندا عواد*: ‬المباحثات تناولت إحياء عملية السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحب والاصحاب :: اعلانات منتدى الحب والاصحاب الاعلامى :: المنتديات الاسلاميه :: قسم المنتدى الاسلام-
انتقل الى: