قامت الدولة الفاطمية في إفريقية سنة 298هـ بزعامة عبيد الله المهدي مدعيا أنه صاحب الحق في الخلافة وأنه حفيد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وقد مهد لقيامها داعية إسماعيلي يدعى أبو عبد الله الشيعي وحشد لنصرتها قبيلة (كتامة), وعرفت بالدولة العبيدية.
ولما رسخت قواعدها قضت على دولة الأغالبة في القيروان ثم قضت على دولة الإخشيد في مصر, وبنت فيها مدينة القاهرة ثم انتقلت إليها في عهد المعز لدين الله ودعيت بالدولة الفاطمية. ولم يستطع الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يدفع قيامها وكل ما فعله أنه أصدر منشورا بالطعن في نسب المهدي, وقعه وجهاء الهاشميين بما فيهم العلويون, ومهما قيل في نسب الفاطميين فقد استطاعوا أن يحيوا مجدا وأن يبنوا نهضة وأن يرفعوا منارا.
غير أن الأمل الذي تفتح بقيامها لم يلبث غير زمن قصير, ثم حدثت بها أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية تراخت فيها قوتها وانتهت إلى الزوال. وقد بدأ هذا التراخي في عهد الحاكم بأمر الله لسوء تصرفاته, ومنها إقدامه على هدم كنيسة القيامة في القدس وكان هدمها من أسباب قيام الحروب الصليبية, وازداد الضعف والتراخي في عهد المستنصر بالله الفاطمي, فقد ولد من جارية تربت في بيت يهودي يدعى أبا سعيد التستري وتولت أمه تدبير أمور الدولة واستوزرت وزراء يهود, منهم صدقة بن يوسف الفلاحي وأبو سعيد التستري, وقد أسند هؤلاء مناصب الدولة إلى أبناء جلدتهم من اليهود, فاضطهدوا المسلمين, وقد عبر شاعر عن ذلك بقوله: